- saed alakkad
- 4:53 ص
- المتحف ، المتحف في الاعلام
- لاتوجد تعليقات
سامح رمضان – غزة
لم ينس الباحث في علم الآثار والمؤرخ الفلسطيني"وليد العقاد"، ومؤسس ومدير متحف العقاد في قطاع غزة كل المداهمات التي تعرض لها المتحف اثناء الانتفاضة الأولى من قبل قوات الاحتلال، التي قامت بسرقة قطع المتحف من منزل العقاد أكثر من مرة باختيار بعض القطع والتي كان يكتشف فيها العقاد أهميتها عندما كان يتم سرقتها ومصادرتها بالقوة دون إبداء أي عذر، وكان تركيزهم على الأحجار التي تمتاز بنقوش وزخارف معينة، الأمر الذي دفع العقاد إلي رفع قضية وتصدير الحدث لجهات مختصة ولكن دون نتيجة.
ولم يكن الأمر على قدر استيلاء الاحتلال المباشر، ووضع يده على هذه القطع الأثرية، ولكن الأمر تطور باستنزاف لحق بإمكانيات "وليد العقاد" المادية عندما كان يسارع في شراء الكثير من القطع من عدة جهات وأشخاص خوفاَ من وصولها ليد الاحتلال كان يقوم بشرائها بمبالغ كبيرة حفاظا منه على عدم خروجها من غزة .
التجربة الأولي
كانت التجربة الأولى لجمع القطع الأثرية والتراثية في متحف العقاد الواقع في مدينة "خان يونس" جنوب قطاع غزة ، في ظروف شبه سرية، وكان وليد العقاد مؤسس المتحف يقوم بعملية الجمع بدون الافصاح للمحيطين به في بدايات عملية التنقيب والجمع في العالم 1975، ولم يكن بمقدورالعقاد في سبعينيات القرن الماضي إلا العمل ضمن ما يملك من أدوات غاية في البساطة ورحلة بحث أبسط في محيط المدينة ليجد ما لم يجده الاحتلال في مهمتهم الخفية لتدمير وسرقة كل ما يمكن العثور عليه من قطع أثرية، ومواد تراثية في كافة أنحاء قطاع غزة ، وكان الفريق الاسرائيلي يرافقه عددا من الفرق الأمنية الاسرائيلية التي كانت تتجول باستمرار على حدود المنطقة الشرقية بالقطاع بتعليمات مباشرة ومشاركة أيضا لوزير الدفاع الاسرائيلي انذاك الجنرال "موشي ديان" ،الذي قام بنفسه بالبحث عن الآثارمرات عديدة بطائرته المروحية،وسرقة كل ما يستطيع ايجاده، وحسب رواية شهود العيان كان التركيز في مناطق عدة منها منطقة أم عامر في مدينة خان يونس، و تل ريدان في مدينة دير البلح وسط القطاع و تل زعرب في مدينة رفح بعد عمليات تنقيب واسعة بمساعدة مختصين اسرائيليين كانوا يرافقون ديان في كل جولة .
أول قطعة اثرية
تكونت فكرة الإحتفاظ بأول قطعة أثرية بوصية من والد العقاد وجهها له بالاحتفاظ بسيف جده الكبير (الذي كان له جولات في حرب العثمانيين قبل مئات السنين)، بالإضافة إلي خاتم عثماني، ومحفظته العثمانية، وحجر من القدس تم نقله على ظهر جمل قبل الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
ومن المناطق الشرقية الحدودية لمحافظتي خان يونس ورفح وبعد عمليات التجريف التي كان يقوم بها جيش الاحتلال الاسرائيلي للبحث والتنقيب عن الآثار التي تعود للحضارة البيزنطية والرومانية، سجل وليد العقاد أول عملية تكوين لفكرة انشاء متحف يمكنه أن يعرض فيه مقتنايته بعد أن عثر على تابوت يعود لشخصية مهمة في العصر الروماني،وعثر في داخله على نقود وقطع أثرية أخرى ساعدته على كشف المزيد من المعلومات الخاصة به فضلاً عن المقتنيات التي ورثها عن أجداده .
وبدت علامات نجاحه خارج الأراضي الفلسطينية تظهربعد أن قام خبراء مصريين بزيارته في وفد رسمي ترأسه خبير الآثار المصري الدكتور عاطف عبد الحي رئيس قسم الآثار في جامعة القاهرة في أوئل التسعينيات، ووجه له دعوة لحضور دورة تدريبية للتعرف على الطرق الصحيحة للتنقيب عن الآثار، ومعرفة أكبر كم من المعلومات لكل قطعة يعثرعليها بوسائل علمية، وكانت هذه أول فرصة يحظى بها العقاد ليكون أول من يقوم بفحص الآثار بمادة كربونية قد تسلمها من المصريين تسمى" سي "14 و بهذه المادة يتم تحديد طبقات العينة، ومن خلال ذلك يمكن تحديد العمر الزمني لكل القطع الأثرية من خلال ألوان معينة يتفاعل فيها السائل في طبقة "الكلس" محدثة لون معين يرمز لعمر تاريخي يكون قريب أو بعيد مثل الأبيض الذي يمثل أبعد فترة تاريخية و اللون البني يمثل فترة اكثر قرباً زمنياً .
ويكمل العقاد المولود في خان يونس عام 1949م رواية عشقه و حبه وحرصه للمحافظة على كل ما تحمل الأرض في باطنها من قطع ثمينة، هذا الرجل الذي أمضي أكثر من أربعين عاماً من عمره في رحلة استكشاف دفع فيها من عمره ومن جيبه ومن قوت أولاده في سبيل جمع هذه القطع التي وصل عددها 2800 قطعة تعود لعصور عديدة منها العصر اليوناني 382 قبل الميلاد، وقطع تعود للعصر الروماني، والعصر البيزنطي، بالاضافة للعصور الإسلامية منها فترة الحكم الأموى والدولة العباسية والفاطمية والعثمانية.
وقبل ثلاث سنوات حضرعالم الآثار الفرنسي جون باتيست في زيارة استمرت لأيام برفقة وفد فرنسي متخصص، و قدم شهادته أمام "اليونسكو" في خطوة ساهمت بشكل خاص بتعزيز ملف فلسطين في قبولها لهذه المنظمة الدولية بما تم العثور عليه في قطاع غزة من آثار لها قيمتها التاريخية أثبتت تميز غزة بحضارة عمرها يتجاوز 2300 عام .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق